قد كنت ألتفت إليك، علك تلحق بي وراء تلك التلال حيث الكروم المتدليات، فلست ممن يحبذ القعود على أرصفة المدن، حيث ضجيج المارة،
صدقني -لو كنت ممن يصدق- لكنت معي تحت عناقيدها تقطر حباتها في فمك فتسكر وأنت في صحوك، ولكن أبيت إلا الرصيف فاقعد وحدك..
قد كنت التفت إليك حاملا لك قلبا فيه ألف زهرة تنمو، لها روائح تخلق الأنف حيث لا أنف، فأبيت إلا اقتطاف شوك العوسج من تلك الأعجاف البالية فأنت وشأنك فاقتطفها...
قد كنت التفت إليك، أغنيك بلحن ماعرفته الطير، حاملا نايي وقيثارتي، أرقص لك، لك وحدك، فأبيت إلا سماع ذلك الصوت المحشرج بين دقات الطبول الكسلى، فدونك ماتريد....
قد كنت التفت إليك، أمد لك يدا من سلالة الزيتون لاشرقية ولاغربية لتمسكها، وتدهن بها مساحة وجهك، فلعمري لأضاء وجهك ولاتسعت عيناك ولصارة شفتاك وردة حمراء، فامتنعت وأخذت تمسك يدا من أثل، تتطاير من جنباتها فقاعات غسلين فأنت وسعيك...
قد كنت التفت إليك أصيح فيك، ياأنت أنا، ألست أنا أنت، أليس أراك بعينيك أما شممتك بأنفك أما لمستك بكفك أما سمعتك بأذنك، فمابالك اثاقلت؟!!
عله خيالك المراهق قد ثبطك وألزمك مقعدك فهنيئا لك خيالك..!!
وأما أنا فقد ذهبت عنك، حاملا عنقي بكلتا يدي لئلا يلتفت.
(بقلم :محمد ذئاب)
(مجلة على رصيف الكلمة_العدد 1)

0 التعليقات :
إرسال تعليق