بحث هذه المدونة الإلكترونية

تعديل

الخميس، 27 يوليو 2017

لا تتزوج مطلقة

بقلم/ولاء خليل

دخلا إلي المشفى سوياً متشابكا الأيدي والقلوب ، يرتجف كلاهما خشية إلحاق الأذى بالآخر ، كم يحبان بعضهما بجنون ولقد أقسما بألا يفترقا لحين يفرغ الأجل وتصعد الروح الى بارئها ، ولكنهما يعلمان جيداً أنه ومهما كانت النتائج فإنها وبالنهاية إرادة الله ..
جلسا علي المقعد الكبير أمام ذاك الطبيب المخضرم يتلقيان الكلمات من بين شفتية وكأنها طعنات حاده تطعن كلاهما بلا شفقه ، كلمات باردة مميته ألقاها الطبيب بقلبيهما :
- " كلاكما معافى تماما ،ً ويستطيع الإنجاب ولكن إذا تزوج كل منكما بآخر ، أما علميا فمن المستحيل لكما إنجاب طفل معا"!
ألقى الطبيب بتعويذته القاتله وذهب ! ، أما هما فظلا متجمدان علي الأريكه دون حراك كأن علي رأسيهما الطير ، إنها الصدمة الأولى فهل من ثبات ؟
وبعد مد وجذب وكلمات الأهل الموجعة ونظرات الأقرباء التي لا ترحم ، قررا الفراق !
لا يريد تركها ولا تنتوي تركه ، يريد الانجاب وبشده وهي أيضا ، لكنها لن تقبل بأن تشاركها فيه امرأة أخرى بل وأن يكون له ولد من غيرها فهذا حقا فوق طاقتها ...
وكان الطلاق ! وبات مُطٙلق ومعه كل العذر
فتزوج بكراً ، وأنجب ولداً والآخر .
وبقيت هي على حالها بعد أن اكتسبت اللقب الأبشع في المجتمع "مطلقه"..



تحدت الكون! ، أهلها وصديقاتها والعالم أجمع ، كل من وقف أمام هذا الحب الطاهر - حب الطفولة - كانت له هي بالمرصاد ..
حاول الجميع إثنائها عن تلك الزيجة ، متنبئين لها بالتعاسة أو الترمل علي أحسن تقدير ، فحبيبها مصاب بمرض نادر ليس له علاج ، حتى أنه حاول هو الآخر إبعادها عنه حتى لا يتسبب لها بالمتعاب والشقاء ،ولكن أنى له هذا ؟! هو ابن العم وحب العمر الذي تنفسته منذو نعومة أظفارها ، تعلقت به حد الموت ، ولا ترى رجلا لها سواه ،
وكان الزواج رغم أنف الجميع ..
أخبره الطبيب بأن أيامه باتت معدوده وعليه الإستعداد للرحيل ، لا يخشى علي نفسه بقدر خشيته علي قلبها الغض إن علمت بالأمر ، كيف ستتحمل عبء الفراق وهي التي تعيش علي أنفاسه !
"إذن فلتكرهينني حبيبتي ليكن الفراق هين !"
وشرع بتنفيذ خطته ، سباب وإهانه دون أسباب ، عتاب دائم علي كل كبيرة وصغيرة ، حتى أنه اتهمها بتردي سلوكها ناهراً :
- " لقد أصبحتِ تتعمدين إرتداء ما يفتن الرجال!!"
ألقاها كقذيفة موجهة على مسامعها ويالا بشاعة تلك التهمة علي قلب العفيفات ! لقد ذبحها حقاً ، وعجزت عن المسامحة ، فهذه لم تكن المرة الأولى ، لقد استطاع إحداث تغييرا بقلبها له بالفعل حتى أتت اللحظة المناسبة وألقى بآخر ما يحويه جراب خطته "أنتي طالق"!
وبين عشية وضحاها نالت لقب مطلقه ، وبات هو مطلق ..
سافر أملا في العلاج بعد أن ظن أنه أراحها من الالام ومنه ، لا يعلم الأحمق مدى بشاعة اللقب الذي منحها إياه في هذا المجتمع العقيم !
بينما سافرت هى بعيدا هاربة من نظرات ذاك وتلك بين لائم وشامت وبين من تخشى علي زوجها الفتنة فجارتها مطلقه !
ذهبت بكل ما تحمله حقائبها من آلام ولكن الألم الأكبر هو اكتسابها ذاك اللقب اللعين!
وبالرغم من أن الحالات التي ذكرت سالفا ً ، لم يكن الجاني فيها احدى الطرفين ، إلا أن اللوم دائما من نصيب المرأة ، أوهكذا جرت العادة!




دخل باسم مستعار خاص بتلك الصفحة المختصة بحل المشكلات ، والكائنة علي أشهر مواقع التواصل الإجتماعي ، لعله يجد حلاً يريح قلبه وعقله معاً .. ظل يعبث بلوحة حاسوبه سارداّ:
"فقدت كل شئ بلحظة ! بيتي هدم أمام عيني ، شقتي وأولادي ومالي وكل شئ ، دخلت الي تلك الزيجة بصدر عامر بالسعادة ، ثم خرجت منها صفر اليدين ! ، فبعد ما حدث من مشكلات أخدت زوجتي وأهلها كل شئ وقد تم الطلاق ، لقد ظُلمت ظُلما شديداً وأسأل الله أن يؤجرني في مصيبتي ويخلفلي خيراً منها .
والآن ..أبحث عن زوجة مطلقة ظُلِمت مثلي ، نبني بيتنا معناً علي العدل والرحمة ، فمن ظُلم يشعر بالمظلوم ، أفتوني يا ذوي العقل الراجح هل أنا على صواب في تفكيري هذا أم ماذا عليّ أن أفعل ؟؟"
ولم ينتظر وقتاً طويلاً كي تصله ردود أولي الآراء السديده علي حسب ظنه!!
وجاء الرد الأول ساخطاً:
- هل جننت يا هذا ! أتريد الزواج بمطلقه ! ألم تتعلم من الدرس الأول؟ ،لقد تزوجت بكراً وانظر ماذا فعلت بك ، فما بالك بالمطلقه!!
وجاء الثانِ ظالماً :
- إياك وأن تتزوج بمطلقه ألا تعلم بأن كل المطلقات آثمات ! ، بل وفاجرات لم يستطعن الحفاظ على بيوتهن من الخراب ، فكلهن سلبيات وستنغصن عليك حياتك بلا شك ، تزوج بكراً أو أرمله نصيحة من أخ لك !!
وجاء الرأي الثالث ناقماً بل وصادماً فهو ليس من رجل متغطرس أو شاب طائش بل من فتاه ويالا العجب ! :
- لا لا! .. إياك وأن تتزوج بمطلقه ، إلا في حال أنك علي معرفة شخصية بها وبأهلها ، بل ومن الأضمن أن تتزوج بكراً، فأنت رجل حر ولا يعيبك أنك مُطلق ، كما أنه من حقك أن تتزوج فتاة بكراً تعوضك عن ما حدث لك ..
ولم تأتِ باقى الردود بالأفضل من سابقاتها ، بل إن نظرة المجتمع واحدة صلدة جامدة وظالمة ، ونظرته تنحصر في كلمتين "المطلقه آثمه" وإنْ ظُلمتِ ، وإن أُجْبِرت علي الطلاق، وإنْ لم تعد تحتمل معاشرة زوجها فالنتيجة واحدة ، ولازال اللوم يلق علي النساء في مجتمع ذكورى بحت ، مجتمع كافر نسي أن الرسول صل الله عليه وسلم خير البشر أجمع تزوج المطلقه وهي خير النساء " السيدة زينب ابنة عمه رضي الله عنها " ولم يكن العيب في زوجها الصحابي الجليل زيد بن حارثه ، ولم تكن السيدة زينب معصومة من الخطأ ، فقط استحالت بينهما الحياة كأي زوجين علي خلاف ، وطلقها زيد وتزوجها الرسول صل الله عليه وسلم بأمر أنزله الله من فوق سبع سماوات قال تعالي "
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا}
صدق الله العظيم 

فإلى متي يا أمتنا العربية ظلم المطلقات..
ألا تعلمون أن الشرع أحل الطلاق للرجل والمرأة معاً، أتحرمون ما أحل الله ؟! بل تحلونه للرجال ومعهم كل الحق وتحرمونه علي النساء مع وصمهن بكل خبيث و ما الطلاق إلا اعتلال لإنهاء اعتلال أكبر منه فمن سيلجأ له دون عله؟!
وليس بالضرورة أن تكون المخطئه "هي" وفقط !
فكفانا إلصاق كل خطأ بتاء الثأنيث ! وتذييل كل إثم بنون النسوة ؟ أفلا تعقلون !!


2 التعليقات :

إرسال تعليق