بحث هذه المدونة الإلكترونية

تعديل

الأربعاء، 19 أبريل 2017

القصة والرواية على طاولة تشريح


القصة والرواية على طاولة تشريح
                 سحر نعمت الله

يرى بعض النقاد مثل (فريدمان و سوزان فرجسون) أن لا فرق بين القصة القصيرة والرواية، كلاهما نوع سردي واحد يختلفان في الطول والقصر ،لكنهما لا يختلفان اختلافا جذريا في النوع...)

هذا اتجاه سائد من ضمن عدة اتجاهات تسلط الضوء حول التعريفات الواضحة للقصة والرواية ، وربما هذه التوصيف يتكئ على نظرة بسيطة قائمة على استحضار الملكة في السرد، او النظرة الشكلية من وحدة الشعور ، وتحديد الفكرة، والاتكاء على البيان وجودة الأسلوب، وليس في إدراك التقنية الجوهرية لهما .

ومن الوهلة الأولى يتضح للكاتب المتمرس أن القصة القصيرة قائمة على الإيجاز والإنجاز كما يقولون:تقليل المبنى وزيادة المعنى ، فلكل جملة أو كلمة أو حرف أو علامة تر قيم أو حتى النفس المتحرك بين السطور له قيمته ووزنه في سرد القصة ، ومهارة الأديب هي الفصيل في إدراك هذه المقومات ، فهو يستحضر صوب عينيه حدثا معينا أو موقفا مثيرا أو ما شابه ذلك ، وقد اختمرت الفكرة في خياله فيسرد ويعدل ويقص ، وينتقي اللفظ الدقيق بل الأدق ، حذرا أن يشوب العمل أي شائبة ملل ، أو ركاكة لفظ ، أو حشو وإسهاب. 

هو مدرك تماما كيف ينثر أدواته ثم يجمعها مرة أخرى كحاو ساحر ، أو حائك عبقري .
أما سرد الرواية فهو ثوب فضفاض يسيح فيه الكاتب بحرية وإريحية ، يفصل ويسهب ، يتعمق في الأحداث ، يتشعب إلى منعطفات متنوعة ، فهو يرسم حياة شخصيات على الورق كي يعيشها القارئ بكل أحاسيسه وانفعالاته، وكأنها صارت جزءا من حياته سواء أطالت مدة القراءة أم قصرت .
فهي صراع طويل مع الكاتب والشخصيات، فحينما يلهم بفكرة رواية يرتب أحداث اولية في خياله ، ثم حينما يغوص في بحر الكتابة تشده الشخصيات لتيارها ، وقد بدت ملامحها وسماتها، فتتكشف أحداث أخرى مختلفة عما سبق ، فتستنزف الشخصيات مخزون الكاتب كي تخمد حدة الصراع القائم. 

ولا تبقى وتيرة الرواية على نسق واحد ، فإما بداية مشوقة أو مملة إلى حد ما ثم ترتفع الوتيرة مع الأحداث أو تنخفض حسب نوعية السرد ، فتأخذ التقلب بين مد وجزر آخذا المؤشر يتارجح ما بين تنازلي أو تصاعدي.
واختلاف الوتيرة لا يؤثر في العمل إلى حد ما ،طالما تتكاتف مع مقومات أخرى. 
لكن القصة تختلف فإذا فقدت عنصر التشويق سواء أكان من بدايتها أو نهايتها اختل معيار نجاحها ، وفقدت رونقها وقيمتها.
هذه وجهة نظر من منظور تجربة أولية في كتابة القصة القصيرة والرواية.




(مجلة على رصيف الكلمة-العدد 1)

0 التعليقات :

إرسال تعليق